مع اقتراب موسم الأفراح والمناسبات تنشط المحلات المتخصصة في ابتكار أفكار وطرق لتقديم هدايا العروس والمهور، حيث يتسابق الكثير من أهالي العرسان لتقديم مهرهم بطرق مميزة وجذابة. وفكرة أن يقدم الزوج مهراً كبيراً للتعبير عن حبه والتزامه في حياته المستقبلية، لم يعد وحده يكفي، فالشكل الذي يقدم فيه هذا المهر له الآن جانب كبير من الأهمية في كثير من المناطق السعودية.
محمد يوسف طرابلسي مؤلف كتاب «جدة حكاية مدينة» يعود إلى بدايات عادة المهر، ويعرفه على أنه ما يقدمه العريس إلى عروسه قبل الزواج، وهو أحد شروط صحة النكاح في الشريعة الإسلامية، إلا أن تاريخه أكثر تغلغلاً وعمقاً في تراث البشرية الإنسانية وأسبق من ظهور الإسلام.
ويقول طرابلسي، إن المهر الذي قد يقل أو يكثر على حسب حالة العريس المادية واشتراط أهل العروس كان متوسطه قبل حوالي 40 عاما عند أهالي جدة (غرب السعودية) يتراوح بين الـ2 و 4 آلاف ريال سعودي. وكان المهر يوضع في منديل أبيض داخل علبة مع بعض الأعواد الخضراء ذات الرائحة الزكية.
إلا أن هذا الطقس لم يسلم كغيره من الكثير من نواحي الحياة الاجتماعية والثقافية من التطور، فما لبثت أن ظهرت طقوس وأساليب مختلفة ومبتكرة، بدءا من تقديمه كشيك مدفوع، ووصولا إلى تقديمه كنقود سائلة مغلفة بطرق جمالية، كوضعه داخل علب جميلة يتفنن العريس في اختيارها.
ومن الأشكال التي يحرص عليها أهالي المنطقة الغربية في السعودية، تقديمه على صورة جنيهات ذهبية أو فضية داخل صناديق مزينة ومزركشة.
سلمى عناية «37 عاماً» تقول، إن «مهرها قدم بصورة عادية تماماً، حيث تم تحويله إلى حسابها البنكي، إلا أنها تؤكد على أن زيجات كثيرة في عائلتها حظيت بأفكار مبتكرة في طريقة تقديمه، ومنها زيجة خالتها، التي وصل إليها مهرها داخل مجسم مصغر للكعبة المشرفة يحوي أدراجا عديدة ضمنها درج خاص فيه المهر، وكل فئة نقدية موضوعة في خانة خاصة بها، ودرج آخر فيه أنواع من العود والعطور الشرقية، وآخر لعطور أنتجتها أشهر الدور الفرنسية، وآخر يحتوي على هدايا لأهلها، وأخيراً وفي قاعدة المجسم، درج عميق يحتوي على طقم ألماس.
واللافت أن الصناديق التي تحوي المهور عادة، تكون في حد ذاتها تحفاً فنية بديعة، بعضها مصنوع من الزجاج، والبعض من الخشب، والبعض الآخر من معادن صقيلة مع زخارف تناسب الحدث السعيد، والغالبية العظمى باتت تستخدم هذه الصناديق لتقديم هدايا خاصة بالعروس ووالديها، وتحوي المهر على صورة شيك مصدق.
وقد دفع هذا الإقبال العديد من المحلات للتخصص في تقديم خدماتها لعملائها، والبعض استعان بعبارة مثل «المهور تقدم مرة واحدة في العمر، فلماذا لا تقدم بطريقة تشرف العريس وأهله» لتجذب العملاء لخدماتها، وأغلبهم من السيدات.
هذا ما تؤكده أنوار مجلد، التي تدير محلها الخاص بتزيين صناديق المهور من وحي المناسب، التي تقول بأن عميلاتها لسن من السعودية فقط، بل تتلقى الطلبات من بلدان خليجية مجاورة، مشيرة إلى أن هذه اللفتة ليست كمالية أو جمالية فحسب، بل ضرورة من ضرورات التطور. فبعد أن كانت المهور تقدم في مغلفات مغلقة بطريقة تقليدية جداً، أصبح من المهم جداً حتى لدى الأمهات من الجيل القديم مواكبة التطوير الحاصل في هذا التقليد.
وتضيف مجلد: «نستخدم أفخم المواد في التزيين، ونقوم بتنفيذ العديد من الأشكال حسب رغبة العملاء، فكل علبة في نهاية المطاف تعبر عن ذوق الشخص لإيصال رسالة حب والتزام، ويهمنا كثيراً، أن نتخيل فرحة العروس ومفاجأتها عندما تصلها فكرة غير تقليدية.
فالمهر هدية للعروس، وكل السيدات يعشقن الهدايا المغلفة بطريقة جديدة وفاخرة، ولهذا نحن كسيدات أقدر على فهم احتياجات المرأة في الهدية، التي تتلقاها كعربون امتنان وسعادة والتزام لحياتها المستقبلية».
وتتابع «مهما كان المهر صغيراً أو كبيراً، فإن طريقة تقديمه تعطي انطباعاً هاماً عند أهل العروس».
ومن الأساليب الجديدة المبتكرة تقديم الأوراق المالية، التي تقدر بعشرات الألوف كباقة من الورود النقدية، حيث يتم لف كل ورقة نقدية لتبدو وكأنها زهرة متفتحة وثمينة.
إلى جانب ذلك، يتم تزيين صندوق المهر النقدي بشكل يتناسب مع وظيفة زوج المستقبل، بحيث يوضع المهر داخل علب مزينة بكريستال فاخر على شكل هواتف نقالة إذا كان موظفاً في شركة اتصالات، أو طائرة مصغرة أو سفينة بحسب مهنة الزوج.