ظاهرة غلاء المهور هي السبب الرئيسي في زيادة نسبة العنوسة في مجتمعنا وفي معظم الدول العربية وقد اثبتت الدراسات التي قام بها عدد من الباحثين في جامعة الملك سعودفي مختلف مناطق الممكلة ان المهر يشكل نسبة 16% من نفقات زواج تبلغ تكاليفه 90.000 اي ما يعادل
25.000$ و هذا من النظرة العلمية والدراسية ان الشاب بعد ان يقوم بإحصاء تكاليف عرسه يرفض فكرة الزواج نهائياًً وماهذا الا من غلاء المهور وزيادة طلبات اهل العروسة وما الى ذلك من امور اخرى.
وان لغلاء المهور اثار سلبية كثيرة لانحصيها ومنها ان الزوج حينما يلزم بدفع صداق عالٍ يشق على نفسه توفيره ويتكلف في جمعه وتحصيله وتتراكم عليه الديون التي تثقل كاهله وتقلق راحة باله ثم يدفع ذلك لولي الأمر وبعد ان يدخل بزوجته ويحين موعد سداد الديون ويكتشف انه عاجز عن ذلك يؤدي ذلك الى كره لزوجته وتنصرف رغبته فيها لأن عقله الباطن يظهر له انها السبب في ذلك.
ظاهرة غلاء المهور وزيادة نسبة العنوسة ارتفعت لدرجة تدخل الحكومة ومجلس الشورى السعودي حيث ان مجلس الشوى قام بمناقشة هذه القضية وسماع اراء المثقفات والمهتمات بالشأن الإجتماعي في مشاركتهم في النقاش حول هذه القضية إضافة الى مرئيات اللجنة الإسلامية وحقوق الإنسان في المجلس. وان قضية غلاء المهور تشكل هماً اجتماعياً في اوساط المجتمع السعودي الأمر الذي يرى الكثيرون انه اصيح ظاهرة ملموسة في بعض مدن وقرى البلاد علماً بأن البعض يتفاخر بإرتفاع مهور فتياتهم التي تصل في بعض الأحيان الى نحو 53الف دولار اي مايعادل 200.000 الف ريال سعودي. ناهيك عن تكاليف الزواج من صالات افراح ومستلزمات ومجوهرات وغيرها وكانت بعض القبائل السعودية أخذت في وقت سابق بمبدأ توحيد السقف الأعلى للمهور للفتاة البكر بين 8 ـ 14 ألف دولار، وللثيب بين 6 ـ 8 آلاف دولار، كما يوجد بعض الآباء وأولياء الأمور الذين يتبسطون كثيراً في تحديد قيمة المهر، بحيث يطلبون مبلغاً رمزياً متواضعاً في الوقت الذي يقدمون فيه مساعدات مالية وعينية شخصية منهم للمتقدمين للزواج من بناتهم لإعانتهم على تكوين عش الزوجية.ووفقا لأخر إحصائيات وزارة التخطيط السعودية فإن عدد الفتيات اللواتي لم يتزوجن بعد، بينهن 64 الف فتاة تجاوزن سن الثلاثين عاماً، ولم يوفقن في الزواج لأسباب مختلفة، منها ما يتعلق بغلاء المهور، وارتفاع تكاليف الزواج، ونظرة الفتاة الاستقلالية، وصعوبة اختيار الزوج في ظل الأساليب التقليدية.
لنرى نظرة الشرع والعقيدة الإسلامية في هذه القضية.
إن من أولى الأوليات الدفع في تيسير أمور الزواج الذي هو اللبنة الأولى في المجتمع، وبإتمامه وصلاحه يصلح المجتمع ، ومن هنا جاءت الشريعة في الأمر بتيسير الزواج؛ علماً ان للزواج معوقات كثيرة وإن من أكبر معوقات الزواج غلاء المهور وزيادة التكاليف الملحقة لذلك ، هذه الظاهرة التي اجتاحت الكثير من المجتمعات الإسلامية ، لاسيما مجتمعات الخليج ،مع أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبلغ أكثر مهر ساقة اثني عشر أوقية ونصف أي لا يزيد عن مائة دينار،عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ : سَأَلْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَمْ كَانَ صَدَاقُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ :كَانَ صَدَاقُهُ لِأَزْوَاجِهِ اثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشًّا قَالَتْ أَتَدْرِي مَا النَّشُّ قَالَ قُلْتُ لَا قَالَتْ نِصْفُ أُوقِيَّةٍ فَتِلْكَ خَمْسُ مِائَةِ دِرْهَمٍ فَهَذَا صَدَاقُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَزْوَاجِهِ.[متفق عليه]
وكان يحث الناس بقوله كما حثهم بفعله على ذلك ؛ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (إِنَّ مِنْ يُمْنِ الْمَرْأَةِ تَيْسِيرَ خِطْبَتِهَا وَتَيْسِيرَ صَدَاقِهَا وَتَيْسِيرَ رَحِمِهَا)
وعَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مَئُونَةً)
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يزوج الرجل المعدم الذي لا يملك ولا خاتم حديد ، يزوجه بتحفيظ زوجته شيء من سور القرآن ؛ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُ لِأَهَبَ لَكَ نَفْسِي فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَعَّدَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ ثُمَّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ فَلَمَّا رَأَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئًا جَلَسَتْ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا فَقَالَ هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ فَقَالَ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيْئًا فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا وَجَدْتُ شَيْئًا قَالَ انْظُرْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِي - قَالَ سَهْلٌ مَا لَهُ رِدَاءٌ فَلَهَا نِصْفُهُ- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ شَيْءٌ فَجَلَسَ الرَّجُلُ حَتَّى طَالَ مَجْلِسُهُ ثُمَّ قَامَ فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُوَلِّيًا فَأَمَرَ بِهِ فَدُعِيَ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ مَاذَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ قَالَ مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا عَدَّهَا قَالَ أَتَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ اذْهَبْ فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ.[متفق عليه].
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينكر على من يبالغ في مهر زوجته ،عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ نَظَرْتَ إِلَيْهَا فَإِنَّ فِي عُيُونِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا قَالَ قَدْ نَظَرْتُ إِلَيْهَا قَالَ عَلَى كَمْ تَزَوَّجْتَهَا قَالَ عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ كَأَنَّمَا تَنْحِتُونَ الْفِضَّةَ مِنْ عُرْضِ هَذَا الْجَبَلِ مَا عِنْدَنَا مَا نُعْطِيكَ وَلَكِنْ عَسَى أَنْ نَبْعَثَكَ فِي بَعْثٍ تُصِيبُ مِنْهُ قَالَ فَبَعَثَ بَعْثًا إِلَى بَنِي عَبْسٍ بَعَثَ ذَلِكَ الرَّجُلَ فِيهِمْ.[مسلم]
وهكذا امتثل جيل الصحابة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ،عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ قَالَ كَمْ سُقْتَ إِلَيْهَا قَالَ زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ.[متفق عليه]
وقد خطب شهيد المحراب عمر بن الخطاب خطبة رائعة في التحذير من غلاء المهور فقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : لَا تُغَالُوا صَدَاقَ النِّسَاءِ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا أَوْ تَقْوًى عِنْدَ اللَّهِ كَانَ أَوْلَاكُمْ وَأَحَقَّكُمْ بِهَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم مَا أَصْدَقَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ وَلَا أُصْدِقَتْ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِهِ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُثَقِّلُ صَدَقَةَ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ [أحمد وابن ماجه] يعني إن بعض الناس يغالي في مهر ابنته حتى أن زوجها يقع في قلبه البغض لزوجته لما أثقلته من الديون في سبيل زواجها، وهذه نظرة مهمة في قضية غلاء المهور فغلاء المهر قد يؤدي إلى النفرة بين الزوجين ،وأي بركة تحصل لزواج من أوله مخالفة للنبي صلى الله عليه وسلم.
ومن عجيب أمور المهر ما حصل لأم سليم –أم أنس بن مالك- عندما خطبها أبوطلحة الأنصاري فقالت له : يا أبا طلحة أنت رجل يرغب فيك ، لولا خصلة واحدة ، وهي أنك مشرك ، فإذا أسلمت فذلك مهري.فأسلم أبو طلحة وتزوج أم سليم ، فما عرف في التاريخ مهر أشرف من مهر أم سليم.
وبنظرة سريعة لواقعنا اليوم لرأينا البون الواسع والفرق الشاسع بيننا وبين واقع الصحابة ، فالمهور وصلت إلى أرقام فلكية ومبالغ مهولة ، وكأن مكانة المرأة تنقص إذا نقص مهرها، وبعض أولياء الأمور يشترط لبنته ولنفسه ولأمها وغير ذلك من المنكرات الشرعية.
فأين نحن من جيل الصحابة وأين نحن من أمر النبي صلى الله عليه وسلم.
ولكن لو خلت لخربت ، ولا زال الخير في هذه الأمة ، فقد حدثني الشيخ د.عبد الرحمن السميط بعد أن سألته عن أعجب تبرع جاءه فقال : أرسلت لي امرأة مبلغ خمسة آلاف دينار وكتبت في رسالة : والله يا دكتور أن هذا هو مهري بالكامل ، أرسلته لك بعد ما رأيت أحوال المسلمين والمجاعات في أفريقيا.
موضوعي هو غلاء المهور وارتفاع نسبة العنوسة في المجتمع السعودي والشرقي والخليجي عامة.
اضرار هذه الظاهرة.1- ارتفاع نسبة العنوسة 2-زيادة نسبة الإغتصاب والجريمة الفاحشه والفساد لأن الزواج حصانة للرجل والمرأة.
الحل هو: 1-توعية الأباء والأمهات والشباب او 2- وضع حد اعلى للمهر داخل المجتمع او الإستغناء عن بعض المستلزمات الغالية الثمن. 3- مساعدة الشباب الجاد في الزواج بزيادة قروض الزواج وفرص العمل للشباب لكي يتمكنوا من الزواج وانشاء اسرة مستقرة.
م
ن
ق
و
ل